الأحد، 15 مارس 2015
9:25 م

ذكاء الحمام


لعلً معظمنا كان وما زال يتعجب كيف استخدم الإنسان الحمام الزاجل قديماً كرسول ينقل الرسائل من مكان إلى آخر وبقدرة تمييز عالية للأماكن التي يتم توجيهه إليها. 


لطالما كان طائر الحمام معروفاً بكونه أكثر ذكاء من باقي الطيور والعديد من الحيوانات الأخرى، فهو يمتلك مواهب كثيرة أهمها ما يسمى "غريزة التوجيه" التي تساعده على إيجاد طريق العودة للمنزل من على بعد مئات الأميال وحتى عندما تكون معصوبة العينين، كما يمتلك الحمام قدرة بصرية أفضل من البشر، والجدير بالذكر أنَّه قد سبق وتمَّ تدريب الحمام من قِبل قوات حرس السواحل الأمريكية لرؤية وتمييز الأشخاص ممن يرتدون سترات النجاة - البرتقالية اللون - الذين فُقدوا في البحر، كما حمل الحمام رسائل للجيش الأمريكي أثناء الحربين العالميتين الأولى والثانية، وقام بالكثير من المهمات في سبيل إنقاذ الأرواح وتوفير المعلومات الإستراتيجية الضرورية. 
لازال العلماء يقومون بالأبحاث والدراسات التي تطلعنا باستمرار على ما تمتلكه هذه الطيور من أدمغة وأجهزة إدراك مدهشة، بالرغم من أنَّ حجم أدمغتها لا يزيد عن حجم ظفر السبابة ولكن يبدو أنها تعمل بشكل مماثل لأدمغتنا. 

في دراسة جديدة وجد باحثون من جامعة "آيوا Iowa" أنه يمكن للحمام تصنيف وتسمية كلا المواد الطبيعية والصناعية وبدرجة غير محدودة، فقد قامت هذه الطيور بتصنيف 128 صورة إلى 16 فئة، وذلك في وقت واحد. 
وعلى عكس ما سبق من محاولات تعليم الكلمات للقرود والكلاب والببغاوات*، ففي تجارب طيور الحمام لم تُستخدَم المناهج الشكلية المفصّلة، فقد تم تدريبها على جميع الفئات الـــ16 في وقت واحد وبأسلوب أقرب لطريقة تعليم الكلمات والفئات للأطفال، على الرغم من أنَّ الاختلافات بين البشر والحيوانات موجودة في الواقع، ولكن بالنسبة لأوجه التشابه فهي أكثر مما نتوقع. 
إن هذه التجربة أتت من مشروع نُشِرَ في عام 1988م، واكتشف فيه الباحثون من جامعة "آيوا Iowa" أن الحمام يمكن أن يميز بين أربع فئات من الأشياء، وبذلك استخدم الباحثون نسخة محوسبة من "لعبة الأسماء Name Game" حيث تم عرض 128 صورة بالأسود والأبيض تمثل أشياء تنتمي إلى 16 فئة أساسية على ثلاثة حمامات (طفل – زجاجة – كعكة - سيارة - كسّارة بندق – كلب - بط – أسماك – زهرة – قبعة – مفتاح – قلم – هاتف – طائرة – أحذية – شجرة) وعلى الطيور أن تختار أحد رمزين - الأول صحيح والأخر خاطئ - والتي تم اختيارها عشوائياً من الفئات الخمس عشرة المتبقيّة، وقد فعلت الحمامات ذلك بذكاء وتمكنت من اجتياز الاختبار بنجاح. 

يقول الباحثون أن تجربتهم الموسّعة تمثل النموذج الحيواني الترابطي الأول والذي يعدّ مقوماً أساسياً في "تعلم الكلمة word Learning" من خلال الربط بين المثيرات والاستجابات، ويمكن استخدام هذا الأسلوب مع أي نوع من الحيوانات التي يمكن أن تتفاعل مع شاشة الكمبيوتر، ومما لا شك فيه أنَّ مهمّة التحقق من الإدراك لدى الحيوانات بالتأكيد ليست عملية بسيطة، ولكن كلما تحسنت الطرق والمناهج المتبعة في ذلك كلما تحسنّ فهمنا وتقديرنا لذكائها. 

اعتقد الناس لفترة طويلة أنَّ مثل هذا التعلم خاص بالبشر، ولكن هذا البحث يبين أن الآليات التي يتبعها الأطفال للقيام بمثل هذه المسألة قد تكون نفسها التي يتم تقاسمها مع العديد من الأنواع. فهذه التجارب هي دليل آخر على أن الحيوانات سواء القرود أو الطيور أو الكلاب أو الحمام هي أذكى مما كان العلماء يفترضون، وهناك الكثير لنتعلمه منها. 


0 التعليقات:

إرسال تعليق